لا زالت النظرة إلى اسم العائلة والشهرة واللقب والسمعة والصيت تلعب دورها في التأثير على هذا الشاب أو تلك الفتاة كونهما منحدرين من أسرة ذات بريق اجتماعي أخّاذ .
فكما أنّهما يتكئان على مجد الأسرة واسمها وسمعتها وبريقها الوهّاج ، فكذلك نظرة بعض الناس إليهم على أ نّهم من أبناء السادة النبلاء والأشراف أو الأسر العريقة مما يعكس عليهم بريقاً لم يشاركوا في صناعته .
وربّما لعب اسم الأسرة دوراً آخر في التغطية على العيوب والمثالب والأخطاء ، فابن الأسرة المعروفة المشهورة لا يُحاسب ـ اجتماعياً ـ كما يحاسب ابن الأسرة المجهولة المغمورة ، الأمر الذي نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : «إنّما أهلك مَنْ كان قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحدّ» .
والشريف هنا هو المتحدّر من أسرة أو سلالة معروفة في أوساط الناس ، إمّا لاشتهارها بالتجارة أو العلم أو الأدب أو السياسة أو الدين .
وهذا أيضاً من المفاهيم المغلوطة ، فإنّ ما ينبغي التركيز عليه هو : ماذا قدّم أو يقدّم هذا الشاب أو هذه الفتاة من أعمال تشير إلى قدراتهما ومهاراتهما وإنجازاتهما ، وذلك هو قول الشاعر :
ليس الفتى مَنْ قال : كان أبي***إنّ الفتى مَنْ قال : ها أنذا
فربّ (دكّة) يصنعها الشاب بجهده الشخصيّ خيرٌ له من (منبر) كان يتربّع عليه (أبوه) أو (جدّه) أو أحد أعمامه أو أخواله . أمّا إذا أراد الجلوس على ذات المنبر فليقدم من خلاله ما قدّم أبوه أو جدّه أو أكثر من ذلك ، حتى يليق باسمه هو لا بأسمائهم هم ، وإلاّ فالألقاب لا تُتوارث ، أي أنّني قد أحمل اسم العائلة واللقب الذي تتلقب به لكنني لا أحمل غير الاسم ، ولا أرث العلم أو السمعة التي اكتسبوها بجهدهم وجهادهم وطول صبرهم وأناتهم ، خاصّة إذا كنت قصير الهمّة فارغ المحتوى لا أعيش إلاّ على أمجاد الماضي .
وربّما يقع بعض الآباء أو الاُمّهات في الخطأ عندما يزوّجون ابنتهم من ابن العائلة الفلانية لمجرد الاسم الرنّان دون النظر إلى مزايا وخصال وخصائص شخصية المتقدم لطلب يد ابنتهم ، وقد يسعى بعض الآباء والاُمّهات في تزويج ابنهم من ابنة العائلة الفلانية للأسباب ذاتها ، في حين أنّ اسم العائلة لا دخل له في سعادة الزوجين ، وربّما إذا تمّ التركيز على الاسم فقط بقطع النظر عن المواصفات الأخرى ، فقد لا يحصد العريسان إلاّ الندم